لقد نشأت في مدينة ثسالونيكي في شمال اليونان ثم تابعت دراساتي الجامعية في بريطانيا حيث أنا مستقرة منذ ١٩٩٦ ما عدا فترات غياب متفرقة. حصلت على شهادتي الأولى من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن باختصاص لغة عربية، ثم توجهت نحو دراسة تاريخ العقيدة الإسلامية كما تبلورت من خلال الخلافات المحتدمة بين مفكري القرون الأولى من عهد الإسلام. وكان ما استرعى اهتمامي بشكل خاص ذلك النزاع العصيب المتمحور حول دور العقل في تمييز المفاهيم والمعايير القيمية—الخير والشر، أو الحسن والقبيح في مصطلح علم الكلام القديم، أو أحكام الأفعال الشرعية على مسمى آخر—وحول ماهية هذه المعايير وأساسها
وبعد نيل شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة لندن وشهادة الدكتوراة من جامعة كامبريدج (٢٠٠٦ )، كانت ثمرة ذلك البحث كتابي الأول الذي صدر تحت عنوان الفاعل المكلف ومستحقاته: ملامح الفكر الأخلاقي عند المعتزلة وهو يتناول منهج المفكرين المعتزلة في المسائل الأخلاقية ومفهوم الإستحقاق بصفة خاصة. وشرّفت جمعية الدراسات الشرق أوسطية الكتاب بجائزة ألبرت حوراني في ٢٠٠٩. في نفس الإطار انساق اهتمامي نحو العالم الحنبلي الشيخ تقي الدين ابن تيمية وموقفه من مثل هذه المسائل الأخلاقية. وقد ظهرت دراستي حول الموضوع في ٢٠١٦ تحت عنوان الفكر الأخلاقي لدى ابن تيمية
أبحاث فلسفية في ذلك الأثناء عرجت أبحاثي على مواضيع مختلفة من طراز فلسفي، فعالجت مجموعة من المسائل شملت مفهوم "الهوية الشخصية" ومفهوم الخلق، وركزت على عدة فلاسفة عصريين أو متأخرين من ضمنهم فيلسوف اللغة لودفيغ فيتجنشتاين وفيلسوف التشاؤم أرثر شوبنهاور. وقد صدر قبل فترة كتابي عن شوبنهاور الذي يناقش منهجه الفكري ويتصدى الى إعادة تقييمه والى استخراج نقدي لخصائصه الإيجابية من خلال تركيز على الملامح الجمالية لعمله
إلا أن أهم موضوع انصبّ عليه اهتمامي في السنين الأخيرة هو مفهوم يصعب عليّ تعريبه وهو "الدهشة" أو "التعجب" بالمعنى الفلسفي—إنما كان العجب، يقول أرسطو في مستهلّ كتابه "ما بعد الطبيعة"، الذي حفز ولم يزل يحفز الناس الى البحث وطلب العلم—ولكن ليس بالمعنى الفلسفي الضيق فحسب. فإن العجب يطلق البواعث على طلب العلم على مختلف أنواعه، كما أنه يتخطى المجال العلمي إلى الإبداع الفني والتجربة الجمالية، حيث يظهر ليس بصفته باعثاََ وإنما غايةََ مطلوبةََ للذات. وهو من ناحية أخرى يتعلق بموقف تجاه الحياة لا نملك إلا أن نسميه روحانيا إن لم نسمه دينيا بالمعنى الأضيق. فتجربة الدهشة أو العجب مما تتشرب به حياتنا في بعض أهم منعطفاتها. هذا موضوع تتناوله مجموعة مقالات تشكلت تحت إشرافي وصدر لي كتاب مستقل في نفس الموضوع
دراسات راهنة أماحاليا فيركز بحثي على تطور مفاهيم الخلق والفضيلة في الحضارة الإسلامية متخذا منالمفكر المرموق أبي حامد الغزالي محورا خاصا له. هذا الى جانب دراسات جزئية تخوض في تطور مفاهيم معينة. فكان آخر مشاريعي في هذا السبيل دراسة تتحرى مصير واحد من أبرز المفاهيم الأخلاقية في التراث الإغريقي واكثرها إثارةََ للجدل، وهو فضيلة كبر النفس، باحثةََ في تشابكها مع فضيلة أخرى لها منبت أصيل في الثقافة العربية وهي عظم أوعلو الهمة. وقد ظهرت هذه الدراسة مؤخرا تحت عنوانالفضائل العظيمة في التراث العربي
وأقوم بهذا العمل في إطار منصب للبحث والتدريس أشغله في قسم اللاهوت والدراسات الدينية في جامعة بيرمينغهام، حيث استقررت بعد تنقل بين العديد من الجامعات ومعاهد البحث، بما فيها جامعة كامبريدج والكلية الأوربية للفنون الحرة في برلين والمعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت وجامعة نيو يورك أبو ظبي
ترجمة الى جانب نشاطاتي الأخرى أقوم بترجمة نصوص أدبية من العربية الى الإنكليزية. فصدرت مأخرا ترجمتي لرواية السبيليات البديعة للكاتب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل لتي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في دورة ٢٠١٧ وهي السنة التي كنت عضوا في لجنة التحكيم فيها. وفي نفس السنة صدرت ترجمتي لكتاب الهوامل والشوامل الذي هوعبارة عن مجموعة أسئلة طرحها الأديب المشهور أبو حيان التوحيدي على الفيلسوف والمؤرخ أبي علي مسكويه وأجوبة هذا الأخير عليها. وهذا عمل أحرزته تحت رعاية،وبفضل،المكتبة العربية
من ضمن الأدباء المعاصرين الآخرين الذين ترجمت لهم المؤلف العراقي المرحوم فؤاد التكرلي، والروائي السوري فواز حداد، والكاتبة العمانية جوخة الحارثي وعدد من الروائيين الذين اندرجت أسماءهم في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية وجائزة الشيخ زايد للكتاب
أرحب باقتراحات ومشاريع جديدة في هذا المجال، سواءا تعلقت بنصوص أدبية أو بغيرها. للاتصال بي الرجاء استعمال التفاصيل المشار اليها في الصفحة المخصصة